الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

حسام محمد كامل يكتب : عربيزي..عندما تنتج التكنولوجيا لغة

حسام محمد كامل يكتب : عربيزي..عندما تنتج التكنولوجيا لغة


كنت كالعادة في السيارة في صباح أحد الأيام و كان السائق خلف المقود يأخذني إلى العمل عندما أرتفع صوت هاتفه النقال يعلمه بإستلام رسالة نصية قصيرة - أس ام أس -  تناول هاتفه النقال و أخذ يحملق في الشاشة و هو مقتضب الجبين عله يفهم الرسالة ولكن يبدوا أنه قد فشل فناولني هاتف و طلب مني أن أفسر له هذه الرسالة فهي تبدول مهمة ولكنه لا يفهم منها أي شيئ بالرغم من معرفته للعربية و الأنجليزية , لم يستغرق مني الأمر كثيراً في فهم مالم يلحظه هذا الرجل الخمسيني , فقد كانت الرسالة مكتوبة بحروف وأرقام اللغة الإنجليزية ولكنها تنتطق باللغة العربية وهذا ما جعله عسيرة في حالة عدم معرفتك لهذه الطريقة في الكتابة و التي باتت تعرف مجازاً بالعربيزي.
إن مصطلح عربيزي يتكون من  شقين الشق الأول (عرب) وهو الشق الأول من كلمة عربي وهو يرمز لللغة العربية و أما (يزي)  وهو الشق الأخير من كلمة إنجليزي وهو يرمز للغة الإنجليزية . أما شكل اللغة ذاتها فهي تتكون من حروف اللغة الإنجليزية و لكنها تنطق على انها كلمات عربية مثلاً فإن كلمة عرب تكتب على هذا الشكل (3rb)  حيث تم وضع الرقم (3) باللغة الإنجليزية لكي يكون مناظر لحرف العين (ع) مع ملاحظة أنه عكسه في الإتجاه على أي حال فقد أصبح هناك بعض الأرقام الإنجليزية التى تناظر بعض الحروف العربية و التي تستخدم في هذه اللغة الحديثة و الغريبة.
يرجع  بداية ظهور مثل هذا النوع من الكتابة إلى عدة أسباب إحداها ظهور لوحات مفاتيح – كي بورد- لجهاز الحاسوب  المعروف  تحمل فقط ترميز بالإنجليزية كما أن ظهور هواتف نقالة في فترة لم تكن فيها اللغة العربية أحدى اللغات الأساسية ضمن نظام التعامل على الهاتف من فترة تقترب من عقد من الزمان , كما أن حب الشباب للإختصار وهو ما قد توفره هذه اللغة أحيانا في الكتابة بالجمع ما بين كلمات عربية و كلمات انجليزية قد يكون سباب في إنشار هذه اللغة أيضاً عوضا عن حب بعض الشباب لكل ما له علاقة بالغرب.
في حقيقة الأمر فإن هذه اللغة الغريبة تمثل مشكلة أخرى  في طريق  لغتنا العربية – التي بالطبع لن تندثر – ولكن المشكلة قد تكمن في أن  الشباب و المراهقين وحتى بعض الأطفال يستخدموا هذه اللغة الغربية – أقصد العربيزي – في تبادل الرسائل النصية القصيرة على الهاتف النقال و كذلك في برامج التخاطب الفوري على الإنترنت المعروفة ببرامج الشات وهو ما سوف ينتج عنه شباب لا يعرف لغته الأم بطريقة صحيحة وهو ما حدث في عدة عصور من الأستعمار عندما نجح المستعمر في تغييب الهوية و اللغة القومية خلال سنوات الإحتلال والأمثلة واضحة جدا ً في بعض دول الشمال الأفريقي التي أصبحت اللغات العامية فيها لغات غربية.
إنك لتندهش مثلاً من الشعب الألماني ومدى إعتزازه بلغته الأم , هذا الشعب الذي خرج مهزوماً من الحرب العالمية الثانية الطاحنة ولكنه لم يتأثر بالمحتل و لم تمنعه لغته من التقدم مرة أخرى و النهوض من الصفر مرة أخرى في أربعينيات القرن الماضي ليصبح من أقوى الدول الصناعية في العالم الحديث .
إحدى الأشياء التي لاحظتها هو ظهور مواقع و برامج تقوم بتحويل الكتابة من اللغة العربيزي إلى كلمات باللغة العربية وهذا له دلالة خطيرة جداً فكما لو أن هذه اللغة الدخيلة قد أصبحت لغة أساسية بالمعني الفعلي و أصبح لها منظريها و المهتمين بها لدرجة أنني أخشئ أن يظهر علينا سيبويه جديد ينّظر لهذه اللغة و يضع قواعد لها حتى لا نخرج عن السياق. من هنا أوجه دعوة لأهل اللغة العربي حتى يهتموا بها أكثر و ليجعلوا لها من الإهتمام و الإحتفال ما يرجع لها قدرها ليس عند المثقفين ولكن عن الشباب و المراهقين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق