حسام محمد كامل يكتب : تعلم على طريقة السادات
كلاً منا قد يحتاج في مرحلة من مراحل حياته إلى تعلم شيء جديد أو علم مفيد أو لغة جديدة مثلاً ولكن تحت وطأة ظروف و ضغط الحياة اليومية قد يؤجل هذه الفكرة مراراً أو قد يلغيها من أساسها و هنا أسوق لك قصة لكيفية تعلم الرئيس السادات للغة الألمانية برغم الظروف الصعبة التي كان يواجهها في ذلك الوقت .
أعتقل الرئيس السادات في العام 1942 لظروف سياسية - لا مجال للخوض فيها هنا - و تصادف أن كان معه في نفس المعتقل شاب مصري يدعى حسن يعرف اللغة الألمانية بطلاقة و بمجرد أن علم الرئيس السادات بهذا طلب منه أن يعلمه هذه اللغة فورا وقد جاءته هذه الفكرة من سطور قد قرأ فيها أن الشيخ محمد عبده - أحد رواد نهضة مصر الحديثة - لما بدأ بتعلم اللغة الفرنسية وجد أن أفضل طريقة للتمكن من هذه اللغة بطريقة جيدة هي بأن يقرأ رواية باللغة الفرنسية على أن يساعده في قرأتها شخص يعرف الفرنسية و العربية معاً وذلك لأن الرواية تحمل بين طياتها تفاصيل الحياة من حوار و نقاش و أوصاف.
بدأ الرئيس السادات وهو في المعتقل برواية لأدجر ولاس مترجمة للأمانية فبدأ في قرأتها و حسن يعاونه في القرأة وكان في أول الأمر يقرأ أربع سطور في اليوم و تدريجياً أصبح يقرأ نصف صفحة حتى أستطاع في الشهر السابع من قرأة فصل كامل و أتم تعلم اللغة بطلاقة بعد ذلك بشهرين حتى أنه حينما أصبح رئيس فيما بعد و زار النمسا ألقى خطابه باللغة الألمانية مما دعى كسينجر ليقول لفورد أ أن السادات ينطق الألمانية أحسن منه كما أن كردينال النمسا وهو شخصية معتبرة في الفاتيكان دُهش عندما علم الطريقة التي تعلم بها السادات الألمانية.
إن العبرة من هذه القصة هي الرغبة في التعلّم و المثابرة على التعلّم مهما كانت الظروف و العقبات , بل إن الظروف و العقبات الصعبة قد تخلق الحافز القوي على الرغبة في التغيير بطلب علم جديد أو تعلم خبرة جديدة.
إن إحدى أنجح الطرق في التعليم و اكتساب خبرة جديدة هي ما أطلق عليه " الخبرة السماعية" و التي تعني أكتساب الخبرة عن طريق السمع من أهل الخبرة و الاختصاص في المجال الذي تريده و ذلك لأنهم و نتيجة لخبرتهم يختصروا عليك دروباً سلكوها من قبل في ذات المجال مما يدعم أتجاهك كما أن رؤيتهم تكون أكبر و أوسع و أشمل نتيجة خبرتهم هذا بالإضافة لقدرتهم في بعض الأمور على معرفة بعض الخفايا و الحيل التي قد تخفى عليك في حال تقريرك بدأ طريقك بمفرد. لقد كثرت اليوم وسائل نقل الخبرات و العلوم و المعارف بدأ من المطبوعات الورقية و مرورا بشبكة المعلومات العالمية و على هذا فلا حجة لديك لأن لا تتقن علم أو عمل جديد.